فصل: فصل في استحباب تلقين العبد محاسن عمله عند الموت:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان



.فصل في استحباب تلقين العبد محاسن عمله عند الموت:

وأخرج ابن أبي الدنيا عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند الموت حتى يحسن ظنه بربه.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن رجاء بن حيوة قال: ما أكثر عبد ذكر الموت إلا ترك الفرح والحسد.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال من أكثر ذكر الموت قل حسده وقل فرحه.
وعن الربيع بن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالموت مزهدًا في الدنيا ومرغبًا في الآخرة.
وعن عمر بن عبد العزيز قال: من قرب الموت من قلبه استكثر ما في يديه.
وعن الحسن قال: ما ألزم عبد قلبه ذكر الموت إلا صغرت الدنيا عنده وهان عليه جميع ما فيها وعن قتادة قال: كان يقال طوبى لمن ذكر ساعة الموت وقال حكيم كفى بذكر الموت للقلوب حياة للعمل.
وقال سميط: من جعل الموت نصب عينيه لم يبال بضيق الدنيا ولا بسعتها.
وعن كعب قال من عرف الموت هانت عليه مصائب الدنيا.
وأخرج ابن المبارك عن ابن عباس قال: إذا رأيتم بالرجل الموت فبشروه ليلقى ربه وهو حسن الظن بالله وإذا كان حيًا فخوفوه.
وعن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «زر القبور تذكر بها الآخرة واغسل الموتى فإن في معالجة جسدٍ خاوٍ موعظة بليغة».
وصل على الجنائز لعل ذلك يحزنك فإن الحزين في ظل الله يتعرض لكل خير
إِذَا اللهُ لَمْ يُفَرِّجْ لَكَ الشَّكُ لَمْ تَزَلْ ** جَنِيبًا كَمَا اسْتَتْلَى الْجَنِيبَة قَائِدُ

آخر:
وَمُجرر خَطِيَّة يَوْم الْوَغَى ** مُنْسَابَة مِنْ خَلْفِهِ كَالأَرْقَمِ

تَتَضَاءَلُ الأَبْطَالُ سَاعَة ذِكْرِهِ ** وَتَبِيتُ مِنْهُ فِي إِبَاءَةِ ضَيْغَمِ

شَرِس الْمُقَادَاةِ لا يَزَالُ رَبِيئةً ** وَمَتَى يُحِسُّ بِنَارِ حَرْبٍ يَقدمِ

تَقَعُ الْفَرِيسَةُ مِنْهُ فِي فَوْهَاءِ إِنْ ** يَطْرَحُ بِهَا صُمُّ الْحِجَارَةِ يَحْطُمِ

ضَمَانَ الدَّمِ لا يَقُومُ بِرَيِّهِ ** إِلا الْمُرُوق فِي الْجُسُومِ مِنَ الدَّمِ

جَاءَتْهُ مِنْ قَبْلِ الْمَنُونِ إِشَارَةٌ ** فَهَوَى صَرِيعًا لِلْيَدِيْنِ وَلِلْفَمِ

وَرَمَى بِمُحْكَمِ دِرْعَهُ وَبِرُمْحِهِ ** وَامْتَدَّ مُلْقَىً كَالْبَعِيرِ الأَعْظَمِ

لا يُسْتَحَب لِصَارِخٍ إنْ يَدْعُهُ ** أَبَدًا وَلا يُرْجَى لِخَطْبٍ مُعَظَّمِ

ذَهَبت بَسَالَتُهُ وَمَرَّ غَرَامُهُ ** لَمَّا رَأَى خَيْلَ الْمَنِيَّةِ تَرْتَمِي

يَا وَيْحَهُ مِنْ فَارِسٍ مَا بَالَهُ ** ذَهَبَتْ فُرُوسَتُهُ وَلَمَّا يكلمِ

هَذِي يَدَاهُ وَهَذِهِ أَعْضَاؤُهُ ** مَا مِنْهُ مِنْ عُضْو غَدًا بِمِثْلمِ

هَيْهَاتَ مَا خَيْلُ الرَّدَى مُحْتَاجَةٌ ** لِلْمُشِرفِي وَلا السِّنَان اللهذمِ

هِيَ وَيْحَكُمْ أَمْرُ الإِلَهِ وَحُكْمُهُ ** وَاللهُ يَقْضِي بِالْقَضَاءِ الْمُحْكَمِ

يَا حَسْرَة لَوْ كَانَ يَقْدِرُ قَدْرُهَا ** وَمُصِيبَةٌ عَظُمَتْ وَلَمَّا تَعْظُمِ

خَبَرُ عِلْمِنَا كُلّنَا بِمَكَانِهِ ** وَكَأَنَّنَا فِي حَالِنَا لَمْ نَعْلَم

اللهم يا حي يا قيوم يا بديع السموات والأرض نسألك أن توفقنا لما فيه صلاح ديننا ودنيانا وأحسن عاقبتنا وأكرم مثوانا واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فصل:
أخرج ابن أبي الدنيا عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أكثروا ذكر الموت فإنه يمحص الذنوب ويزهد في الدنيا فإن ذكرتموه عند الغنى هدمه وإن ذكرتموه عند الفقر أرضاكم بعيشكم».
وأخرج أيضًا عن عطاءٍ الخرساني قال: مر رسول الله بمجلس قد استعلاه الضحك فقال: «شوبوا مجلسكم بمكدر اللذات». قالوا: وما مكدر اللذات. قال: «الموت».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن زيد السلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا آنس من أصحابه غفلة نادي فيهم بصوتٍ رفيع أتتكم المنية راتبة لازمة إما شقاوة وإما سعادة.
قال بعضهم: من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء تعجيل التوبة وقناعة القلب ونشاط العبادة.
ومن نسى الموت عوقب بثلاث أشياء تسويف التوبة وترك الرضا بالكفاف والتكاسل في العبادة.
أخرج أبو نعيم عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لي لا أحب الموت قال لك مال قال نعم.
قال قدمه فإن قلب المؤمن مع ماله إن قدمه أحب أن يلحق به.
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي الدرداء قال موعظة بليغة وغفلة سريعة كفى بالموت واعظًا وكفى بالدهر مفرقًا اليوم في الدور وغدا في القبور.
وروى أن سعد بن أبي وقاص تمنى الموت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتمن الموت.
فإن كنت من أهل الجنة فالبقاء خير لك وإن كنت من أهل النار فما يعجلك إليها.
وعن أم الفضل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليهم وعمه العباس يشتكي فتمنى الموت فقال له يا عم لا تتمنى الموت.
فإن كنت محسنًا فإن تؤخر وتزداد إحسانًا إلى إحسانك خير لك، وإن كنت مسيئًا، فإن تؤخر وتستعتب من إسائتك خير لك، فلا تتمنين الموت.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتمنين أحدكم الموت من قبل أن يأتيه ولا يدع به إلا أن يكون قد وثق بعمله.
وعن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أنبأكم بخياركم» قالوا بلى يا رسول الله قال: «أطولكم أعمارًا في الإسلام إذا سددوا».
وأخرج أحمد وابن زنجوية في ترغيبه عن أبي هريرة قال كان رجلان من حي قضاعة أسلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشهد أحدهما وأخر الآخر سنة.
قال طلحة بن عبيد الله فرأيت الجنة ورأيت المؤخر منهما أدخل قبل الشهيد فعجبت من ذلك.
فأصبحت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أليس قد صام بعده رمضان وصلى ستة آلاف ركعة وكذا وكذا ركعة صلاة سنةٍ».
وأخرج أحمد والبراز عن طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس أحد أفضل عند الله تعالى من مؤمن يعمر في الإسلام لتسبيحه وتكبيره وتهليله».
وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن جبير قال إن بقاء المسلم كل يوم غنيمة لأداء الفرائض والصلوات وما يرزقه الله من ذكره.
وأخرج بن أبي الدنيا عن إبراهيم بن أبي عبدة قال بلغني أن المؤمن إذا مات تمنى الرجعة إلى الدنيا ليس ذلك إلا ليكبر تكبيرة أو يهلل تهليلة أو يسبح تسبيحية.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقيت إبراهيم عليه السلام ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك منى السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر». رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وعن سلمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن في الجنة قيعان فأكثروا من غراسها». قالوا: يا رسول الله وما غراسها؟ قال: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر».
واعلم رحمك الله أن مما يعينك على الفكرة في الموت ويفرغك له ويكثر اشتغال فكرك به تذكر من مضى من إخوانك وخلانك وأصحابك وأقرنك وزملائك وأساتذتك ومشايختك الذين مضوا قبلك وتقدموا أمامك.
وَمُنْتَظِرٌ لِلْمَوْتِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ** يُشَيِّدُ وَيَبْنِي دَائِمًا وَيُحَصِّنُ

لَهُ حِينَ تَبْلَوُه حَقِيقَة مُوِقِنٌ ** وَأَعْمَالُهُ أَعْمَال مَنْ لَيْسَ يُوقِنُ

عِيَان كَإِنْكَارِ وَكَالْجَهْلِ عِلْمُهُ ** لَمَذْهَبِهِ فِي كُلِّ مَا يُتَيَقَّن

كَانُوا يَحْرِصُونَ حِرْصَكَ وَيَسْعَونَ سَعْيَكَ وَيَأْمَلُونَ أَمَلَكَ ويعملون في هذه الدنيا عملك وقصت المنون أعناقهم وقصمت ظهورهم وأصلابهم، وفجعت فيهم أهليهم وأحباءهم وأقرباءهم وجيرانهم فأصبحوا آية للمتوسمين وعبرة للمعتبرين.
ويتذكر أيضًا ما كانوا عليه من الاعتناء بالملابس ونضافتها ونضرة بشرتهم، وما كانوا يسحبونه من أردية الشباب وأنهم كانوا في نعيم يتقلبون، وعلى الأسرة يتكئون، وبما شاءوا من محابهم يتنعمون.
وفي أمانيهم يقومون ويقعدون، لا يفكرون بالزوال، ولا يهمون بانتقال، ولا يخطر الموت لهم على بال، قد خدعتهم الدنيا بزخرفها، وخلبتنم وخدعتنم برونقها، وحدثتهم بأحاديثها الكاذبة، ووعدتهم بمواعيدها المخلفة الغرارة.
فلم تزل تقرب لهم بعيدها، وترفع لهم مشيدها، وتلبسهم غضها وجديدها، حتى إذا تمكنت منهم علائقها، وتحكمت فيهم رواشقها، وتكشفت لهم حقائقها، ورمقتهم من المنية روامقها.
فوثبت عليهم وثبت الحنق وأغصتهم غصة الشرق، وقتلتهم قتلة المختنق، فكم عليهم من عيون باكيةٍ، ودموعٍ جاريةٍ، وخدودٍ داميةٍ، وقلوب من الفرح والسرور لفقدهم خالية. وانشدوا في هذا المعنى:
وَرَيَّانَ مِنْ مَاءِ الشَّبَابِ إِذَا مَشَى ** يَمِيدُ عَلَى حُكْمِ الصِّبَا وَيَمِيدُ

تَعَلَّقَ مِنْ دُنْيَاهُ إِذْ عَرَضَتْ لَهُ ** خَلُوبًا لأَلْبَابِ الرِّجَالَ تصيدُ

فَأَصْبَحَ مِنْهَا فِي حَصِيدٍ وَقَائِمٍ ** وَلِلْمَرْءِ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدُ

خَلا بِالأَمَانِي وَاسْتَطَابَ حَدِيثَهَا ** فَيَنْقُصُ مِنْ أَطْمَاعِهِ وَيَزِيدُ

وَأَدْنَتْ لَهُ الأَشْيَاءَ وَهِيَ بَعِيدَةُ ** وَتَفْعَلُ تُدْنِي الشَّيْءِ وَهُوَ بَعِيدُ

أُتِيحَتْ لَهُ مِنْ جَانِبِ الْمَوْتِ رَمْيَةٌ ** فَرَاحَ بِهَا الْمَغْرُورُ وَهُوَ حَصِيدُ

وَصَارَ هَشِيمًا بَعْدَمَا كَانَ يَانِعًا ** وَعَادَ حَدِيثًا يَنْقَضِي وَيَبِيدُ

كَأَنْ لَمْ يَنَلْ يَوْمًا مِن الدَّهْرِ لَذَّةً ** وَلا طَلَعَتْ فِيهِ عَلَيْهِ سُعُودُ

تَبَارَكَ مَنْ يُجْرِي عَلَى الْخَلْقِ حُكْمَهُ ** فَلَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْهُ عَنْهُ مَحِيدُ

اللهم وفقنا لصالح الأعمال، ونجنا من جميع الأهوال، وأمنا من الفزع الأكبر يوم الرجف والزلزال، واغفر لنا ولوالدينا، ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.
تنبيه:
قال القرطبي: لتشديد الموت على الأنبياء فائدتان إحداهما تكميل فضائلهم ورفع درجاتهم وليس ذلك نقصًا ولا عذابًا بل هو كما جاء أن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل.
والثانية أن تعرف الخلق مقدار ألم الموت وأنه باطن وقد يطلع الإنسان على بعض الموتى فلا يرى عليه حركة ولا قلقًا ويرى سهولة خروج روحه فيظن سهولة أمر الموت ولا يعرف ما الميت فيه.
فلما ذكر الأنبياء الصادقون في خبرهم شدة قال: ألمه مع كرامتهم على الله تعالى قطع الخلق بشدة الموت الذي يقاسيه الميت مطلقًا لإخبار الصادقين عنه ما خلا الشهيد في سبيل الله. انتهى.
أخرج الطبراني عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم ألم مس القرصة». أخرج ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات وابن منيع في مسنده من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «يا أبا هريرة ألا أخبرك بأمر حق من تكلم به في أول مضجعه من مرضه نجاه الله من النار».
قلت: بلى. قال: «لا إله إلا الله يحيي ويميت وهو حي لا يموت وسبحان الله رب العباد والبلاد والحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه على كل حال والله أكبر كبيرًا كبرياؤه وجلاله وقدرته بكل مكان.
اللهم إن كنت أمرضتني لتقبض روحي في مرضي هذا فاجعل روحي في أرواح من سبقت لهم منك الحسنى وأعذني من النار كما أعذت أولئك الذين سبقت لهم منك الحسنى»
.
فإن مت في مرضك ذلك فإلى رضوان الله والجنة، وإن كنت قد اقترفت ذنوبًا تاب الله عليك.
سَبِيلُ الْخَلْقِ كُلُّهُمَ الْفَنَاءُ ** فَمَا أَحَدٌ يَدٌومُ لَهُ الْبَقَاءُ

يُقَرِّبُنَا الصَّبَاحُ إِلَى الْمَنَايَا ** وَيُدْنِينَا إِلَيْهِنَّ الْمَسَاءُ

فَلا تَرْكَبْ هَوَاكَ وَكُنْ مُعِدًّا ** فَلَيْسَ مَقْدَار لِكَ مَا تَشَاءُ

أَتَأْمَلُ أَنْ تَعِيشَ وَأَيُّ غُصْنٍ ** عَلَى الأَيْامِ طَالَ لَهُ النَّمَاءُ

تَرَاهُ أَخْضَرَ الْعِيدَانِ غَضًّا ** فَيُصْبِحُ وَهُوَ مُسْوَدٌ غثاءُ

وَجَدْنَا هَذِهِ الدُّنْيَا غَرُورًا ** مَتَى مَا تَعِط يَرْتَجِعُ الْعَطَاءُ

فَلا تَرْكَنُ إِلَيْهَا مُطْمَئِنًا ** فَلَيْسَ بِدَائِمٍ مِنْهَا الصَّفَاءُ

وَاللهُ أعلم. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فصل:
قال ابن الجوزي رحمه الله: إخواني إن الذنوب تغطي على القلوب فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها وجه الهدى ومن علم ضرر الذنب استشعر الندم.
يل من أعماله إذا تؤملت سقط، كم أثبت له عمل قلما عدم الإخلاص سقط، يا حاضر الذهن في الدنيا فإذا جاء الدين خلط، يجعل همه في الحساب فإذا صلى اختلط.
يا ساكنا عن الصواب فإذا تكلم لغط، يا قريب الأجل وهو يجري من الزلل على نمط.
يا من لا يعظه وهن العظم ولا كلام الشمط، يا من لا يرعوي ولا ينتهي بل على منهاج الخطيئة فقط، ويحك بادر هذا الزمان فالصحة غنيمة والعافية لقط.
فكأنك بالموت قد سل سيفه عليك واخترط، أين العزيز في الدنيا أين الغني المغتبط، خيم بين القبور، وضرب فسطاطه في الوسط، وبات في اللحد كالأسير المرتبط.
واستبلت ذخائره ففرغ الصندوق والسفط، وتمزق الجلد المستحسن وتمعط الشعر فكأنه ما رجله وكأنه ما امتشط ورضي وراثه بما أصابوه وجعلوا نصبه السخط.
وفرقوا ما كان يجمعه بكف البخل والقنط ووقع في قفر لا ماء فيه ولا حنط وكم حدث أن سعد بن معاذٍ في القبر انضغط وكم حذر من المعاصي وأخبر أن آدم زل فهبط.
اللهم وفقنا لصالح الأعمال وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.